رسالة سلطانية إلى محمد العربي الطريس حول الرجوع المفاجئ لمولاي عرفة و محمد الأمراني من الجبهة الموجهة ضد بوحمارة ، و تعيين المخزن قيادة جديدة و تنفيذه لها الكثير من الإمكانيات و منها تسهيل طلب العون من حاكم مليلية و فرنسيي الجزائر إن اقتضى الأمر .
الحمد لله وحده و صلى الله على
سيدنا و مولانا محمد و آله و صحبه و سلم تسليما
خديمنا الأرضى النائب الحاج محمد بن العربي
الطريس وفقك الله و سلام عليك و رحمة الله و بعد فقد أطلع علمنا الشريف بما أخبرت
به من مضمن التلغرافين الأخيرين المضروبين لك من قبل عمنا مولاي عرفة و من قبل
سيدي محمد الأمراني بما حملهما على الرجوع من الوطن النجادي و الوطن الريفي و
ركوبهما البحر قاصدين النزول بالعرائش و قد ساءنا ذلك و همنا غاية و استغربنا
توافق عزم المكلفين المذكورين معا على ركوب البحر و الإياب في دفعة واحدة خصوصا عمنا
مولاي عرفة الذي لا زال لم يتحقق عن ناحية تخييمه حدوث الموجب القوي لتعجيل الإياب
على هذه الهيئة المرجفة بالنسبة لما يتوارد من المكاتيب و الأخبار و لم يدر هل ذلك
لعدم حسن التدبير أو لغيره و حيث وقع و نزل فالواقع لا يرتفع و لكن لا يسع إبقاء هذين
الوطنين في طي السكوت و الإهمال مع ما هو حال بهما من خوض الخائض الفتان و شيعته
بل أوجب الله علينا تدارك علاجهما بكل ما يمكن من وجوه المدارك و قد انتخبنا لذلك
حامله حاجبنا الأنجد الطالب أحمد الركينة لما رأينا فيه من أوصاف الأهلية الكافية
إن شاء الله في تدارك أحوال هذين الوطنين بالمباشرة السياسية النافعة في أعيان تلك
القبائل و عززناه ببعض الأعيان و العمال و منهم الخديم القائد عبد الرحمان بن عبد
الصادق و نفذنا له قدرا من المال من هنالكم بطنجة و فوضنا له في ارتكاب كل ما
تقتضيه المصلحة الحالية من وجوه السياسات النافعة في قبائل تلك الناحية و بذل ما
تدعو إليه الضرورة من الصوائر المالية و استجلاب ما تدعو إليه الحاجة من العدد
السلاحية على يد المجاورين من حكومة الإيالة الجزائرية أو حاكم مليلية على أن يكون
اجتهاده أولا في الوسائل الموصلة لتحصين وجدة و لو باستنجاد المجاورين لناحيتها من
إيالة الحكومة الجزائرية المسلمين على يد حكامهم و كذا تحصين قصبة جنادة و لو
بتعمير أرض حدادة مليلية بالمدد الصبنيولي إن دعت الضرورة لذلك بعد بناء ذلك على
الوجه الذي يتفق عليه المكلف المذكور مع حكام الحدادة بما لا ضرر فيه على الجانبين
حالا و مآلا لما تقتضيه حقوق الجوار و ذلك بينما يجد المكلف المذكور الفسحة التي
يمكنه معها تقويم مدد المخزن و تخليق ما
تدعو الحاجة إلى زيادته من العسكر كما يجتهد في إزالة اللبس عن القبائل المغرورين
بما لا أصل له من شعوذات المضلين و استنهاضهم بجمع كلمتهم على الصلاح و الإصلاح و
الفتك بحرب الضالين المضلين في تلك النواحي و حتى إن دعته الحاجة إلى استقدام
خديمنا الطالب محمد الكباص عليه لأجل التعاون بمفاوضته في مباشرة الأعمال فقد
آذنناه في التوجيه عليه على طريق مغنية و قد صدر الكتب صحبة هذا لباشدور الصبنيول
و باشدور الفرنصيص بما تصلك نسخته طيه باستنهاض كل منهما للاعتناء بما يطلب منه
على يدك في جلب ما يجلب من مواد الإعانة على تحصين مراكز المخزن المجاورة لحكومة
دولته و تقويم الأمداد المخزنية و عليه فبوصول هذا إليك نأمرك أن تجتمع بحاجبنا
المذكور و تتفاوض معه في جميع ما ذكر و تمضي معه على ما ترجح عندكما في كل فصل من
فصول الوسائل و المقاصد المتعلقة بهذا الموضوع و تكتري له بابورا يحمله هو و من
معه من العمال و الأعيان و غير ذلك من المضافين له و يكون نزوله بالمحل الذي تترجح
عندكم مصلحة النزول به من كوشطة إيالتنا السعيدة أو غيرها و حتى إن دعته الضرورة
لعدد آخر من الدراهم زيادة على ما نفذ له الآن فقد أذنا له في ضرب التلغراف لك
بذلك لتنفذه له و تعلم به و بكل ما انفصلت معه عليه أو تجدد لك خبره بعد ركوبه
البحر لنكون على بال و بالله التيسير و هو نعم المولى و نعم النصير و السلام صدر
به أمرنا المعتز بالله في 22 محرم الحرام عام 1323