السفينة
التجارية "الأخوات الثلاث"، قراصنة الريف
والسفن
الحربية البريطانية (1):
تأليف:
أندرو لامبرت
ترجمة:
فريد المساوي
تقديم
المترجم:
هذا الموضوع في الأصل هو فصل من كتاب جماعي شارك فيه
مجموعة من الباحثين والمؤرخين الأنكلوساكسونيين نشر تحت عنوان: "القرصنة
وجرائم البحر، دراسات تاريخية ومعاصرة"، وقد تناول كل فصل من الكتاب منطقة
معينة من المناطق التي عرفت خلال فترة من فترات التاريخ بظهور أعمال قرصنية، كجزر
الكاريبي وإفريقيا وجنوب شرق آسيا وغيرها، وبالنسبة لهذا الفصل وهو الحادي عشر ضمن
ترتيب الفصول في الكتاب، فهو يتناول إشكالية ظهور أعمال قرصنة في منطقة أيت بويفار
بالريف في منتصف القرن التاسع عشر، في فترة جد حساسة، حيث كان التنافس التجاري بين
القوى الأوربية حادا جدا حول الهيمنة في البحر المتوسط ومضيق جبل طارق، جاء الفصل
تحت عنوان: "حدود القوة البحرية البريطانية،
السفينة التجارية (الأخوات الثلاث)،
قراصنة الريف والسفن الحربية البريطانية"، وهو من توقيع الأستاذ المحاضر أندرو لامبرت(1)،
المعروف كواحد من كبار الباحثين في مجال تاريخ البحرية البريطانية، وقد تناول فيه
بالدراسة والتحليل الخيارات التي كانت أمام بريطانيا لحل مشكل القرصنة الريفية بما
يتناسب مع الحفاظ على مركز الهيمنة في مجال التجارة، واحتكار الامتيازات التجارية
مع المغرب، ودفع القوى الأخرى التي كانت لها نفس الأطماع وخاصة فرنسا، هل الحل هو
القوة أم الضغط على المغرب لدفع التعويضات وقمع القراصنة وثنيهم؟ وإذا كان الخيار
الأنسب هو استخدام القوة مع الريفيين فكيف تستطيع بريطانيا أن تخصص جزءا من قواتها
البحرية لهذه القضية التي تتطلب وقتا، وقضاياها عبر العالم كثيرة ومتعددة، مع
العلم أن الحملات التأديبية التي توجهت إلى المنطقة تفاجأت بالصعوبات الكثيرة التي
تحول دون توجيه ضربة إلى القراصنة من شأنها أن تثنيهم عن تماديهم في أعمالهم.
فريد المساوي
السفينة التجارية "الأخوات الثلاث"، قراصنة الريف
والسفن الحربية البريطانية(2).
يعالج
هذا الفصل رد الفعل البريطاني خلال القرن التاسع عشر على مشكل القرصنة على طريق
تجاري متوسطي هام ورئيسي، ففي الوقت الذي كان فيه
قراصنة الريف مجرد مجموعة صغيرة مزعجة، فإن بريطانيا لم يكن بمقدورها أن
توقفهم دون نشر قوات بحرية مهمة على الساحل، وهذا الخيار كان من شأنه فتح مجموعة من
القضايا الخطيرة والمركبة في العلاقات بين بريطانيا وفرنسا وإسبانيا وكذا المغرب
والجزائر وجبل طارق، قضايا تحب بريطانيا معالجتها منفصلة. وكان رد الفعل البحري
الوحيد دون ذلك هو التصرف حين ضبط القراصنة متلبسين باعتراض إحدى السفن. وقد ثبت
أن العقوبات المحلية من طرف الحكومة المغربية لم تكن حاسمة(3).
ما بين
1846 و1856 تم الاعتراض لثماني سفن على الساحل المتوسطي المغربي منها ستة بريطانية،
واحدة فرنسية وأخرى بروسية: Ruth في 30 مارس 1846، طاقمها هرب، three
sisters
في 2 نونبر 1848 الطاقم هرب أيضا، violet 5/6 أكتوبر 1851، florat بروسية في دجنبر 1852، Cuthbert
Young في 21
يونيو 1854 طاقمها هرب، jeune dieppoise فرنسية في 8 أبريل 1855، Livey في 2 ماي 1855 وطاقمها هرب
أيضا، ثم hymen في 14 ماي 1856، إضافة إلى عدد كبير من الزوارق والخافرات
الإسبانية التي احتجزت، وكانت موجة مماثلة من العمليات القرصنية حدثت سنتي 1834
و1835 أنهيت بتدخل عسكري من طرف سلطان المغرب.
حكومات
بريطانيا وفرنسا وبروسيا تدارست خيارات ونطاقات استعمال القوات العسكرية البحرية،
لكن المشكل في الأخير حل مرة أخرى من طرف القوات المغربية، وفي جانب آخر فالنتيجة
قابلها صبر وتسامح من لندن وباريس، وفي ذلك خدمة للمغرب كعازل حيوي بين الجزائر
كمستعمرة فرنسية والقاعدة الإستراتيجية البريطانية في جبل طارق، الدرس الذي
نستخلصه من دراسة هذه القضية هو أن القراصنة كغيرهم من البشر يعيشون على البر، وعلى
البر ينبغي زجرهم وثنيهم عن ممارساتهم، ولهذا فالقوات البحرية وحدها غير كافية
لمحاربة القرصنة.
يتبع....
الهوامش:
1 ـ ولد أندرو لامبرت في
نورفولك، بإنجلترا، حصل على درجة
البكالوريا في القانون، ثم حصل على الماجستير والدكتوراه في تاريخ البحرية في قسم
الدراسات الحربية، بالكلية الملكية بلندن، بعد الانتهاء من بحث الدكتوراه، اشتغل
محاضرا في التاريخ الدولي الحديث من عام 1983 حتى عام 1987، و كذلك مستشار في قسم التاريخ والشؤون الدولية في
الكلية الملكية البحرية، في الفترة من 1987 حتى 1989، اشتغل محاضرا في الدراسات
الحربية في أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية، ومن عام 1989 حتى عام 1991، اشتغل
في قسم دراسات الحربية في الكلية الملكية في لندن، ثم أستاذ في تاريخ البحرية، في
الفترة من 1999 حتى 2001، وشغل مناصب أخرى كثيرة في نفس المجال، و منح له لقب
الأمين الفخري لجمعية السجلات البحرية البريطانية من عام 1996 حتى عام 2005، وصديق
الجمعية التاريخية الملكية. ويركز لامبرت في دراساته على التاريخ البحري
والاستراتيجي للإمبراطورية البريطانية مند الحروب النابليونية إلى الحرب العالمية
الأولى، والتطوير في وقت مبكر في مجال الكتابة التاريخية البحرية، وقد تناول في
بحوثه مجموعة من القضايا، بما في ذلك التكنولوجيا و تأثيرها في التحولات التاريخية،
التطورات السياسية، والأمن الدولي، إدارة الأزمات والصراعات و غير ذلك، كما كتب
وقدم لهيئة الإذاعة البريطانية السلسلة التلفزيونية "الحرب في البحر" في
عام 2004، في فاتح ماي 2014 حصل على وسام أندرسون من قبل جمعية الأبحاث البحرية على
كتابه "بريطانيا ضد أمريكا في الحرب البحرية عام 1812".
2 ـ مما تجدر الإشارة إليه هو أنني ترجمت من النص الأصلي
المتن فقط ولم أعد تثبيت الحواشي والإحالات الواردة فيه، و من أراد العودة إليها
أو التحقق منها عليه مراجعتها في النص الأصلي.
3 ـ هذا ما كان يبدو للبريطانيين في البداية، و لكن
الحقيقة أن المخزن كان يتهرب من قمع القراصنة، وربما كان هناك تواطؤ معهم، كما أن
كل الحملات التأديبية الأجنبية سواء كانت بريطانية أو بروسية لم تستطع إيقاف
الأعمال القرصنية، أما المخزن فإنه في الأخير هو الذي تمكن من ذلك بإرسال
"حركاته" التي أبانت عن فعاليتها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق