السفينة
التجارية "الأخوات الثلاث"، قراصنة الريف
والسفن
الحربية البريطانية (3):
تأليف:
أندرو لامبرت
القبض
على باخرة " three sisters
":
في 31 أكتوبر عام 1848
خرجت من جبل طارق الباخرة التجارية المسجلة على مرسى ليفربول three sisters متجهة إلى مالطا، كانت محملة برزم الأقمشة و كمية كبيرة من
البارود، الباخرة كندية البناء تقدر سعتها ب 134 طن مملوكة للسيد ماط(1) وبعض صغار
المستثمرين، كانت عادة تعمل في الخط التجاري بين ليفربول و ديميرارا، ولهذا فقد
كانت "الأخوات الثلاث" خارج مجالها المعتاد ولذلك لم تكن مؤمنة. و كانت
الحمولة لشركة من جبل طارق مملوكة لجيمس كلاسكاو وشركاؤه.
في 2
نونبر 1848 تم اعتراض طريق "الأخوات الثلاث" من طرف مجموعة من القوارب
في ساحل الريف، حينها أطلق القراصنة النار عليها، فنزل الطاقم في زورق و جدف
مبتعدا في البحر، فجر القراصنة "الأخوات الثلاث" إلى الشاطئ، أنقذ
الطاقم من طرف باخرة تجارية عابرة في صباح اليوم التالي، ووصلوا إلى جبل طارق في
السابع من نونبر، الملاحظ أن الأولوية لدى حاكم جبل طارق هي إثبات أن حمولتها كانت
شرعية، و بمجرد أن اشتكت الجهات التي أرسلت إليها الحمولة، فإن حاكم جبل طارق
السيد روبرت ويلسون(2) أحال القضية إلى جون دراموند هاي مشيرا عليه بالتدخل لدى
الحكومة المغربية، و طلب من جيمس مكلفرتي من باخرة بوليفيموس أن يحمل الرسالة إلى
طنجة، لكن مكلفرتي رفض ذلك، و في المقابل انطلق فورا إلى مسرح الجريمة، في الصباح
الباكر من اليوم التالي انطلق بوليفيموس مسرعا في خليج al
khoyamich (3)، ثم
اتجه شرقا في اتجاه رأس المذاري الثلاث، في صباح يوم 8 نونبر بعد أن مسح ساحل
ترامونتانا(4)، اكتشف مكلفرتي السفينة المستهدفة وقد سحبت إلى الشاطئ، وكان حولها
سبعة من قوارب الريفيين، والمكان يوجد تحت المنحدرات البارزة التي يحتلها ما يقدر
بحوالي خمس مائة رجل مسلح، تحركت بوليفيموس في اتجاه الشاطئ فأطلق عليها القراصنة
النار، ولدفعهم لتغيير أماكنهم أمطرتهم بالرشاش الناري
و بمختلف أنواع الطلقات النارية الكثيفة والمتكررة حتى تراجعوا، تمكن فريق من رفع
مخطف السفينة، ثم عقلت لتجرها بوليفيموس إلى الماء، هنا بدأ الريفيون إطلاق النار
من إحدى المدافع التي لم تستطع السفينة تحديد مكانها، فأطلقت الرشاش من جديد، أصيب
خمسة بحارة بجروح. مع مواجهة عدو كثير العدد و مسلح تسليحا جيدا، تخلى مكلفرتي عن
غايته الأصلية المتمثلة في النزول و إحراق مراكب القراصنة، ورأى أنها لا تستحق
المجازفة بحياة بحارته من أجل ذلك، فجر سفينته المسترجعة وانطلق مبحرا إلى جبل
طارق.
السفينة
جردت من الأشرعة و الحبال، في الواقع جردت من كل ما كان على متن السفينة يمكن
حمله، كما كانوا قد كسروا الأقفال وحملوا جزء كبير من الحمولة، وعندما وصلوا إلى
جبل طارق اكتشفوا أن القراصنة أفرغوا 850 برميل من البارود و كمية كبيرة من
القماش. ما كان عليهم أن يتعبوا أنفسهم من أجل أربعمائة برميل من الرنجة(5)، وخمسة
عشرة عبوة من التبغ، وطنين من الكاكاو، أو عشرين طنا من الفحم.
خبر قضية
"الأخوات الثلاث" تزامن مع انشغال الأميرال باركر في قضايا سياسية معقدة
ومتعبة مرتبطة بنابولي وسيسيليا، لم تكن لديه سفن إضافية، وكانت خطوته المقبلة هي
الاتجاه شرقا إلى بحر إيجة لدعم تركيا، وليس غربا لتأديب قلة من اللصوص الريفيين.
من حادثة Ruth كان يعلم أن السلطان سيتنصل من المسؤولية، وابتهج لاسترداد
الأخوات الثلاث، وأشاد بتجاهل مكلفرتي أوامر الحاكم بالاتصال بجون دراموند هي، وكذلك
بقراره عدم النزول إلى البر. كما تبين من هذه الحادثة فبالنسبة للبريطانيين، فوجود
بارجة بخارية مقيمة في جبل طارق، سيمكن من رد الفعل بسرعة واصطياد الجناة متلبسين
قبل أن تتصرف أية قوة أخرى، والعبارة الأخيرة إشارة إلى القوات الفرنسية التي قد تساعدها
قضية القراصنة المغاربة وتوجهها كذريعة لغزو السلطنة.
يتبع....
الهوامش:
1 ـ اسمه الكامل هو Sampsom Matchison حسب قائمة لأرباب السفن نشرتها مجلة بلفاست الشهرية The Belfast Monthly magazine عدد 60 جزء 11 بتاريخ 31 يوليوز 1813، ص 46.
2 ـ هو الجنرال
روبرت توماس ويلسون، ولد سنة 1877، اشتغل ضمن إدارة الإمبراطورية البريطانية بكثير من البلدان، كما مارس السياسة
و دخل البرلمان كعضو عن الحزب اللبرالي من 1818 إلى 1831، وشغل منصب حاكم جبل طارق
من سنة 1842 حتى وفاته سنة 1849.
3 ـ الكلمة مكتوبة بهذه الصيغة و يبدو من خلال السياق أنه يقصد خليج
الحسيمة أو جون الحسيمة الذي كان يعرف بهذا الإسم، نسبة إلى جزيرة الحسيمة (نكور)،
قبل أن يطلق الإسم على مدينة الحسيمة حديثا.
4 ـ اسم قديم كان يطلق على منطقة معينة من ساحل الريف، ومن
المرجح أنها كلمة رومانية مركبة معناها الجبال الثلاثة، وقد يكون هو رأس المذاري
الثلاث نفسه.
5 ـ نوع من السمك يتم تحضيره بطريقة خاصة حيث يصبح قابلا للتخزين، حيث يملح
أو يخلل ثم يتم تجفيفه.