السبت، 12 يوليو 2014

نصائح للمخزن المغربي حول كيفية التعامل مع قضية إنشاء الشرطة و البنك

    

    

 

     هذه الوثيقة هي رسالة للقائد عبد الحكيم المزوغي إلى المخزن المركزي يبين له كيفية التعامل مع قضية إنشاء الشرطة و البنك المالي و بعض الإصلاحات التي تتنافس الدول الأوربية عن التكفل بها خاصة فرنسا و ألمانيا ، فكل من هذه الدول تنظر إلى هذه الإصلاحات من الزاوية التي تخدم مصالحها ، و صاحب الرسالة يقترح ما هو أصلح للمغرب . 

 




الحمد لله وحده                             و صلى الله على سيدنا و مولانا محمد و آله
قد كنت عرفتكم بطلب الفرنسيس بالقيام بمسئلة البوليص بمرسى طنجة و العرائش و الرباط و الدار البيضاء و الجديدة و أما الصويرة و أسفي  فمسكوت عنهم و ذلك لعلة لأن الألمان يقول بأنه لا يقبل أن يكون غيره حارسا بالمرستين المذكورتين  هذا على فرض توزيع الحراسة على الأجناس  إذا رضي المخزن بذلك  لا سمح الله  و أما رأي الألمان في مسئلة البوليص هو أن المخزن يقوم بذلك بدون أدنى تداخل من طرف الأجناس بأي وجه ليبقى مقام السلطنة و استقلال البلاد محفوظ حسبما اعترف بذلك جميع الأجناس نعم إذا ظهر للمخزن أن يجلب بعض الأنفار من أوربا لترتيب البوليص المذكور على النسق الأورباوي و يكون الأنفار المذكورون مختارون من رعايا الأجناس الكبار و الصغار على حسب نظر المخزن و اختياره و المصلحة التي يراها لنفسه فله ذلك و ليس لجنس من الأجناس حق في التداخل في أمر ذلك لا من بعيد و لا من قريب سدا لباب الذريعة و حسما لمواد النزاع ، هذا كلام الألمان و أظنه يخرج عنه .
أما الفرنسيس فيقول إن الغرب مجاورا إليه و مديون له في أموال لها بال و أن المخزن قد قبل منه الإعانة في الأمور المالية و الحربية و احتج في ذلك بمكاتيب السيد عبد الكريم بن سليمان سيما المكتوب المؤرخ في 12 جمادى 1 عام 1322 إلى غير ذلك من الحجج التي هي أوهى من بيت العنكبوت طالبا بمقتضى ما ذكر جعل البوليص بالمحلات المذكورة أولا ثم بفاس و مراكش تحت يده خاصة أو بمشاركة الإسبنيول و ا لإيطاليان  ، فل يرض الألمان بذلك قابضا في كلامه الأول و هذا حد الكلام بينهما إلى هذه الساعة .
أما نظري و نظرك و نظر كل مسلم فإن المخزن لا يقبل أي تداخل من الأجناس في أمر الحراسة و حفظ حيات الأمة لا من قريب و لا من بعيد بأي صورة من الصور لأنه إذا تساهل بشعرة من نفوذه و سلطانه فإنه يفتح عليه بابا لا يسده إلا يوم القيامة أما جلب بعض الناس و استخدامهم بصورة اختبارية على أجل معلوم يرتبون فيه بعض الأمور حتى يفرج الله و يرحم المخزن بمن ينصح إليه و يصلح له و يتقي الله  فيه و في المسلمين فلا بأس بذلك .
أما البنك المالي فإني لم نر في تيسره وجها أبدا و كيفما كانت صورته فهي مضرة غاية و مخالفة للشرع المحمدي و من كان على غير شرع فلا خير فيه و الأولى و الأنسب بل الواجب علينا هو خلاص الديون بأي وجه كان و قطع الشرقات  ( الشركات ) من المراسي حتى لا يبقى للأجناس قول و أسباب تقوية مداخيل المخزن و محصولاته كثيرة فليتأمل المتأمل في ذلك و عوضا عن جعل بيت مال المسلمين بيد النصارى و حصر معاش المسلمين و كسبهم و منافع بلادهم  في إرادة الغير فقد تعين على المخزن و الحالة ما ذكر أن يكلف من رعيته من ينظر في أسباب تقوية بيت المال بالطرق المعروفة عندنا أو المقلدة عن غيرنا و للمخزن أن يستعين ببعض آراء الأجانب العارفين بطرق الاقتصاد و تنمية الأموال بدون تداخل الأجناس كما هو جار في سائر الممالك و كذلك مسئلة ضرب السكة و تعديلها فكان من الواجب جعل ذلك على يد أناس تقات يأخذون حقهم و يتركون حق المخزن لا كما وقع في هذه السنين الأخيرة على يد برونزويك من جهة و ڨودش من جهة و هسنير من جهة و مكلين من جهة و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم و لا أحد يغير المنكر فإلى متى و الكفر قد أحاط بنا اللهم فرج علينا و ارحمنا .
و قد سمعت أيضا و قرأت و تحققت بأن الأجناس قد اتفقوا كلهم على أن يطلبوا من المخزن تكليفهم بجميع أنواع الأشغال العامة أعني خدمة المعادن و الطرق و بناء القناطر و إصلاح المراسي و غير ذلك من المنافع التي تحتاجها البلاد .
و القصد بذلك هو وضع اليد على نتائج المملكة بحذافرها يوزعون ذلك بينهم و حسب المسلم فيه النظر بعينه و أما الطعام ففي فم غيره .
و عليه فالواجب المحافظة على ما بيدنا و عدم تفويته و إعطاء شيء منه لتبقى منفعته عندما تتيسر لأهل البلاد و للمخزن .
و إذا ظهر للمخزن استخراج بعض النتائج أو إصلاح طريق أو مرسى من المراسي فإنه يعلن بذلك لسائر الأجناس  و لا ينفذه المخزن إلا بشروط و بعد المناداة عليه و إشهار بيعه ينفذ لمن تقف عليه الزيادة و يقبل شروط المخزن .
فهذه هي الصورة الوحيدة التي يكون عليها عمل المخزن كما هو الواقع في سائر الممالك و أما تداخل النصارى في أمورنا بدعوى الإعانة و المودة و حب الخير فهي حبائل شيطانية قد أمرنا الله بالبعد عنها و الويل لمن خالف كلام الله  ...
و قد كنت كاتبتكم في شأن الصندوق الخاص  الذي طلبه الأجناس  بإشارة نائب الإنجليز لوضع زوائد الأعشار التي وافقوا عليها تحت نظرهم ثم صرفها على يدهم فيما يعود عليهم  أو علينا نفعه و نبهتكم لما في ذلك من الضرر العظيم لكونه يفتح علينا باب المراقبة الأجنبية و ينقص في نظر الأمة من عظمة السلطنة و حقوق الملك المستقل إلى غير ذلك من المضار و الإهانات التي لا حصر لها و لا حد فلتتأمل في ذلك و لا تغتر بأحد .
فليكن جواب المخزن على مسئلة الصندوق الخاص بأن المخزن لن يقبل تداخل الغير في أمور بلاده و لا يرضى بمراقبة الأجناس لأمواله نعم إذا ظهر للأجناس أن يبينوا للمخزن بعض المنافع العامة و الإصلاحات التي تلزم بالمراسي فإن المخزن يتأمل فيها بعين الاعتبار و الذي يقبله من تلك الإصلاحات فإنه يأمر بتنفيذه لا محالة و ينفذ .
و على كل حال إذا لم يرض الأجناس بهذا الجواب و تعللوا فإن المخزن يرد عليهم تلك الزوايد و لا يقبلها منهم و ينفذ ما يقدر عليه من الإصلاحات في بلاده من ماله الخاص إلى أن يظهر ما يكون فإن غالب الأجناس إذا رأوا المعقول و الجد من المخزن و رجاله يتركون التعصب و التعنت للحصول على ما يفيد الجميع .
و أما تداخل الأجناس في أموال الدولة ووضع يدهم عليها أو على البعض منها بواسطة أو بغير واسطة فذلك لا يكون و لا يقبله المخزن بوجه من الوجوه و لا يسمحه منهم لأنه يمس بحقوق السلطنة و يؤدي إلى ضياع الملك و المملكة .
و قد تأملت فيما عرضه الألمان و الفرنسيس في ما يخص البنك المالي  ووجدتهما لا يصلحان لصالحة فالفرنسيس أراد أن يدخل بالثلث في رأس مال البنك و الباقي  يوزع بين الأجناس و تصرف البنك يكون على مدة قدرها خمسة و ثلاثون سنة يقوم فيها البنك المذكور بسائر مداخيل المخزن و خارجه بشروط هي مقررة عندكم لا تستحق أن تسمع فضلا عن أن يقبلها المخزن لأن في قبولها الدخول تحت الحجر لأجل لا يعلم حده إلا الله  تعالى  .
و أما الألمان فيطلب أن البنك يكون تحت نظر جميع الأجناس و رأس ماله يقوم به كل الأجناس  و المدة تبتدئ بخمسين عاما ، أعني لا نهاية لها ، و أعمال البنك المذكور هو قبض مدخول الدولة و صرفه في المصالح العامة على يدهم و نظرهم و بموافقتهم إلى آخر ما تعلمه فتأمل بارك الله فيك فإن الحياة على يد النصارى ممات .
و على كل حال إذا تعين و لزم و تحتم جعل البنك بالمغرب لتعديل السكة فليكن البنك المذكور مغربي صرف أعني أن رأس ماله يقوم به المسلمون و ذلك سهل و المخزن يعين لضبطه و القيام به من له خبرة بأمور التجارة و  قلب الأموال من ثقات المسلمين  و لا بأس إذا استعانوا ببعض النصارى على ترتيب البنك و تحسين إدارته بكيفية تصرف من بنوك أوربا فأنه إذاك يكون بنكا مغربيا بالاسم و المسمى   و أما جعل البنك بالنصارى و على يدهم فذلك هو عين الضرر و الهلاك فتأمل و لا تغتر .
و قد سمعت بأن المخزن قد عرض على الأجناس صورة في جعل البنك إن شاء الله  تكن موافقة لما ظهر لي و السلام في 3 محرم عام 1314 . ( 14 يونيو 1896 ) .
                                                        عبد الحكيم المزوغي
و منه الذي يظهر أن الألمان و الفرنسيس لا يتفقان لا على البنك و لا على البوليص  و يبقى الأمر كما كان و ما شاء الله كان .   
          

ليست هناك تعليقات: